]في المناسبات الدينية تتحول بوصلة العالم الإسلامي إلى المدينتين المقدستين لدى المسلمين، وهما مكة المكرمة والمدينة المنورة. فمن الأولى بدأت الدعوة المحمدية، ومن الأخيرة انطلق الإسلام إلى مشارق الأرض ومغاربها. وتعيش المدينتان هذه الأيام واحداً من أجمل أيامهما، إذ تتقاطر مئات الآلاف من المسلمين إليهما في هذا الشهر المبارك الذي وصفه الرسول الكريم بأن «أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار».
أن تزور مكة المكرمة أو كما يحلو للآخرين تسميتها بأم القرى، أو الحرم أو البلد الآمن في أي وقت من أوقات السنة، ستشعر بأن ثمة من يشاركك المكان ربما لكثرة ما قرأت عنها. لكن أن تزورها في شهر رمضان أو أيام الحج، ستشعر بروحانية المكان وقدرته على استيعاب ملايين البشر وعشرات اللغات ومئات العادات والتقاليد التي تنصهر وتختصر عندما يتم توحيد الدعاء بين صفوف الحجاج وترديد كلمات لها وقع روحاني لدى المسلمين، مثل «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك…» وغير ذلك من الأدعية والأقوال المأثورة التي يرددها الحجاج والمعتمرون طلباً للأجر والمغفرة.
جرت العادة أن تصل أعداد المعتمرين إلى أعلى مستوياتها في ليلة النصف من رمضان، وأمس حلت ليلة «النصف»، وهي من الليالي التي يتفاءل بها المسلمون، لهذا بلغ الزحام أشده في كل أدوار الحرم المكي الشريف. إلا أن الحركة البشرية كانت في منتهى الانسيابية، ولم تسجل أي حوادث داخل أو في محيطه. فالجميع تحرك بانسيابية تامة ووفق مسارات محدودة لا تؤدي إلى التصادم ومن ثم الاختناق.
وسجلت الجهات المختصة والمعنية بمتابعة حركة المعتمرين وزوار الحرم المكي نجاحاً خلال النصف الأول من شهر رمضان، فيما تتواصل جهود هذه الجهات لإنجاح الفترة المتبقية من الشهر، بفضل رفع مستوى الجاهزية لمواجهة التزايد المستمر في أعداد المعتمرين، والاستعداد لـ«العشرة الأواخر» من رمضان التي يبلغ فيها الزحام ذروته.
الكثير من المعتمرين وزوار البيت الحرام يحرصون خلال هذه الأيام على شرب ماء زمزم التي يعتبرها المسلمون أعظم بئر في العالم، ويحاولون الاغتسال في الأماكن المخصصة لذلك، طلباً للبركة وللعلاج من الأمراض.
وصحة المعتمرين وزوار البيت الحرام محل اهتمام الدولة السعودية، والشاهد على ذلك تجهيز كل المستشفيات والمراكز الصحية في العاصمة المقدسة، وتشغيل المراكز الصحية الواقعة داخل المسجد الحرام لتقديم الخدمات الصحية، إضافة إلى دعم المراكز الصحية بالأطباء والوجود المستمر لمواجهة أي طارئ لتقديم الرعاية الصحية الشاملة على مدار الساعة.