اميرة همسات ( نائب المشرف العام )
عدد الرسائل : 3570 السٌّمعَة : 5 نقاط : 550 تاريخ التسجيل : 14/11/2007
| موضوع: التعذيب في الجزائر : جلادون وزنازين سرية لا تراها الشمس السبت نوفمبر 22, 2008 8:07 am | |
| التعذيب في الجزائر : جلادون وزنازين سرية لا تراها الشمس
من قلم : انور مالك
التعذيب في الجزائر حقيقة لا يمكن حجبها بشعارات سياسية أو تقارير رسمية صادرة من جهات تود النصاعة لوجهها في عالم يعلن حربه الشاملة على هذه الآفة، التي تهدد حقوق الإنسان بل تستهدف وجوده بصفة عامة، ولقد أصبح التعذيب هو الوسيلة التي تصل بها مصالح الأمن الجزائرية وغيرها في كثير من بلدان العالم الثالث، لغايات أمليت عليها من الأعلى، وخاصة إذا تعلق الأمر بما يسمى بالإرهاب، فطالما توفي أناس تحت التعذيب وطالما فقدوا أطرافهم أو أصيبوا بعاهات مزمنة أو وقعوا على محاضر دفع ثمنها سنوات طوال من وراء القضبان... عندما يفتح لك أحدهم قلبه ويسرد عليك الليالي التي قضاها في المخافر وهو يشرب من علقم التعذيب من طرف جلادين لا يعرفون الرحمة، ولا تتسرب لقلوبهم الشفقة، تحس بالدوار لأن تلك القصص لا نراها إلا في خيالات السينمائيين أو الرواة الذين يبحثون عن الإثارة، آخرون بالرغم مما تعرضوا له تجدهم يتهربون وحجتهم أنهم لا يثقون في الإعلاميين لأن همهم المادة الإعلامية ولو حسابهم، قد تصل بهم مرة أخرى إلى الزنازين المظلمة، ولا أحد بعده يدافع عنهم، لأن المنظمات الإنسانية لا تصل إليهم، وإن استطاعت أن تدخل السجون فيتم إختيار من سيتكلم إليهم، وفي أحايين أخر يلبسون الحراس بدلات عقابية مخصصة للمساجين ويوضعون في ساحة تستقبل وفود المنظمات، وهذا الذي حدث مرات متعددة في سجن الحراش مثلا من طرف المدير السابق حسين بومعيزة، وأخرى يتلقى المساجين تهديدات مسبقة إن باحوا بأي شيء يستهدف المؤسسات العقابية أو مصالح القضاء أو الأمن، كما يحدث في سجن البرواقية ولامبيز (باتنة) مثلا، وهذا الذي سنفرد له ملفا قريبا عن واقع السجون الجزائرية من الداخل كما يرويها لنا شهود عيان... لسنا بصدد الحديث عن الإتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الجزائر، والتي تحرم بصفة مطلقة التعذيب، وإنما نحن بصدد الحديث عن واقع يرويه لنا ضحايا بينهم أبرياء، وعلى ألسنتهم مباشرة، بعيدا عن الديماغوجيات المفرطة التي نعرفها وألفناها كثيرا عند فتح مثل هذه المواضيع المحرمة داخل الجزائر، ونكتشف بعض الشيء الوسائل القذرة التي تستعمل في حقهم من على ما يسمى "سرير التعذيب"، الكل يعرف الأساليب الوحشية التي ما صارت خافية على أحد، ويكفي تلك الصور التي طالما تناقلتها وسائل الإعلام عن تعذيب سجناء في معتقلات العالم العربي، ويكفي أيضا ما رواه آخرون إستطاعوا الفرار للخارج، كمن ألف أحدهم كتابا عن "زنازين الجنرال خالد نزار" كما سماها، حتى أن البعض من الضحايا لجأوا للقضاء الفرنسي الذي يسمح قانونه بمتابعة الضحية لجلاده وإن حدث التعذيب خارج التراب الفرنسي، ولكن عندما تلعب السياسية دورها والأطماع المتبادلة إقتصاديا وسياسيا وحتى إستخباراتيا فقد أرسلت طائرة خاصة للجنرال من طرف الرئيس بوتفليقة وفر خالد نزار تحت جنح الظلام، ليعود فيما بعد إلى باريس متابعا للضابط المفصول حبيب سوايدية على خلفية كتابه المثير للجدل (الحرب القذرة) ... جلادون تنتهي عندهم حقوق الإنسان مهاجر-ع سجين سابق في السجن العسكري بالبليدة، قضى خمسة سنوات كاملة بعدما أتهم بالمخدرات في الفترة الممتدة بين 1994-1999، وهو عسكري سابق، يروي لنا قصصا عن التعذيب الذي يحدث في السجن العسكري من طرف جلادين كالمساعد الأول عطاء الله، والمساعد الأول صالح الذي عندما يستقبل الوافد الجديد، يعريه من ألبسته كاملة كيوم ولدته أمه ويربطه في قضبان حديدية تستعمل كباب للساحات المعدة لما يطلق عليه بفسحات المساجين اليومية، ثم يصب عليه الماء البارد ويضربه بخرطوم المياه حتى يتمزق جلده، وصوته يبلغ عنان السماء طالبا الرحمة، لكن الجلاد تجده يقهقه على مرآى الأعوان وهو يردد كلمة يشتهر بها: "هنا تنتهي حقوق الإنسان". أما في العمارة " C" التي يخصص الطابقين الأول والثاني للعسكريين المتهمين بالإرهاب فحدث عن البحر ولا حرج، وللتذكير أن السجن العسكري بالبليدة يتكون من خمسة عمارات وفي كل عمارة ثلاث طوابق، بمعدل 57 زنزانة في كل عمارة، وفي بعض الأحيان خاصة في فصل الصيف عندما تبلغ درجة الحرارة ذروتها، يقوم حارس بغلق النافذة الصغرى التي بالباب ومنها يتم مراقبة حركة المساجين في الزنزانة، هذا بعد ملئها بعشرة أفراد على الأقل وهي معدة خصيصا لأربعة أشخاص، فيذكر لنا أن العرق يسيل من تحت الباب سيلان المياه... روى لنا رقيب سابق تم فصله من الخدمة لأسباب مهنية هكذا زعمت الإدارة المعنية، ولأسباب أخرى تتعلق برفضه الكثير من الأعمال غير الإنسانية هكذا برر لنا هو بنفسه، وقد فضل أن لا نذكر اسمه لأنه قد يدفع الثمن غاليا في هذا الظرف بالذات، قال: "كنت أشتغل حارسا في سجن عسكري... وعندما نجتمع مع قائد فوجنا والذي هو غالبا ما يحمل رتبة مساعد، يأمرنا أن نبحث عن أي هفوة أو نتحرش بالمساجين حتى نقوم بالتعذيب". ولما سألته عن الأسباب رد قائلا: "من أجل التخويف وعدم العودة للسجن مرة أخرى أو حتى للإنتقام وخاصة من العسكريين المتهمين بالإرهاب". وفي إجابته عن سؤال حول المساجين الأكثر عرضة للتعذيب قال: "الإرهابيون أو المتهمون بقضايا تتعلق بالإرهاب، حتى أنه لم يأت سجين من هذه الفئة لأجل غاية ما سواء إدارية أو تتعلق بمعاشه في السجن أو حتى من أجل طلب العلاج، فلن ينال شيئا بل يعود مهشم الضلوع". وعن أساليب التعذيب يؤكد: "نستعمل غالبا خراطيم المياه للضرب بعدما نصب الماء على ظهر السجين وصدره، ونعلقه في سقف الحمام من رجليه عاريا كيوم ولدته أمه... نتبادل الأدوار في تعذيبه، وفي بعض الأحيان الكهرباء وأخرى ما يسمى بطريقة الشيفون، أو المنع من النوم أو التعذيب بدس رأسه في حوض الماء ومنعه من التنفس، وهي الطرق التي لا تترك آثارا جسدية...". هذا كان في سجن عسكري أغلب النزلاء به من العسكريين، ولكن ما الذي يحدث في السجون الأخرى التي تختلف فيه طبيعة الفئات النزيلة به من مدنيين بمختلف مشاربهم وطوائفهم؟ !! "صقر" سجين... ننتقل إلى سجن تبسة (الحدود الجزائرية التونسية) حيث يروي لنا مساجين سابقين عما يحدث من وراء جدرانه، فالكل يجمع على ذكر المساعد مرزوق-ع وما يفعله من تعذيب وحشي ومعاملة قاسية تتحدى حدود المعقول، لو وصل ذلك للمنظمات الدولية المهتمة بالشأن الإنساني لتمت متابعته في كل مكان... يروي لنا فداوي- م الذي قضى ثلاث سنوات كاملة في هذا السجن قصة مثيرة للغرابة، وتتعلق بسجين سموه "صقر"، كان عسكريا سابقا في القوات الخاصة الجزائرية، وعاش لسنوات في كتائب مكافحة الإرهاب وفي جبال الزبربر الملتهبة إبان الحرب الأهلية الجزائرية... يقول فداوي: "عندما أدخل "صقر" السجن كان ذلك في آواخر 2000 حيث أتهم بالتشهير وتهديد عاهرة بصور، وهو كان يقسم بأغلظ الإيمان أنه لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالقضية، فقد لفقت له من أجل سجنه...". ثم يسترسل السجين السابق في روايته عما حدث له: "... كان "صقر" متمردا بحكم طبيعة عمله السابق في القوات الخاصة، فلما إلتحق بنا في سجن تبسة وبالضبط في القاعة الخامسة، الأيام الأولى كان يرفض الإهانات والشتم غير المبرر من طرف الحراس، فغالبا ما يدخل علينا حارس ويسبنا جميعا بلا إستثناء ومن دون أي سبب، والويل كل الويل لمن يجرأ للرد عليه، في أحد المرات قام حارس وبال على المساجين من الأعلى، حيث أن الساحة مكتظة للغاية ولكل واحد الحق في بلاطة يجلس أو يقف بها، والساحة مغطاة بسياج من الأسلاك فوقف فوقها وبال علينا من دون سبب أو حتى يراعي حرمة إنسانيتنا، عندها غضب "صقر" وقام بسبه وشتمه، فنزل وجاء بمجموعة من الحراس ليخرجوه وضربوه جماعة، إلا أنه كان قوي البنية فإستطاع أن يسدد هو أيضا لكمات لبعضهم، ولما عجزوا أن يسقطوه أرضا وكانوا حوالي عشرة حراس، حمل أحدهم قضيبا حديديا وضربه على رأسه حتى سقط على الأرض صريعا وينزف دما، أخذوه معهم إلى الحمام وصبوا عليه الماء وراحوه يجلدوه بسلك كهربائي سميك من دون شفقة، تفنن المساعد مرزوق في تعذيبه...". يتنهد وتنبعث زفراته ملتهبة كأن وجع المشهد قد هز أركان وجدانه ويسترسل: "تركوه كل الليلة في الحمام صريعا والحنفية تضخ ماءها على جسده الجريح حتى صباح يوم الغد، ليطلب من سجينين إحضار بطانية وحملوه للقاعة وهو لا يزال فاقدا للوعي، بقي على هذه الحالة أكثر من خمسة أيام لا يأكل ولا يشرب ولا يكلم أحدا... بعدها إستفاق ولكن بقي في حالة غير طبيعية، حتى فاجأنا مرة وهو يطلي جسده بالبراز في المرحاض، يخيل له أنه ماء يغتسل به... كان موقفا مؤلما لنا جميعا، منعناه بإستعمال القوة وغسلنا له جسده، ثم طلبنا من الحارس أن يخرجوه للعيادة وعندما عرف هوية المريض قال متبجحا: أتركوه يموت... طبعا مع كلمات فاحشة بذيئة نتعفف من ذكرها...". ثم يزيد: "بدأ أمر "صقر" يتطور شيئا فشيئا وواصل إمتناعه عن الأكل والكلام حتى صار لا يستطيع الوقوف مما أجبرنا على إطعامه بالقوة، في يوم من الأيام طلب من أحد المساجين أن يعطيه سيجارة ففرحنا لما تكلم، أخذ عدة لفافات تبغ وأشعلها مرة واحدة ولما صارت ملتهبة أطفأها في جلد وجهه كمن يفعل ذلك بعقب سيجارة في المطفأة، ومن دون أن يتحرك أو يتألم، كان الموقف رهيبا فوجه الإنسان حساس للغاية، والرجل كأنه لم يفعل شيئا بل إبتسم مستمتعا بالجمر الذي أحرق وجهه...". "... واصل على هذه الحال ففي البداية إستعمل خمسة لفافات وراح الأمر يتطور حتى بلغ أكثر من ثلاثين لفافة ملتهبة يطفؤها في وجهه من دون أن يتألم أو يتوجع، وتحول وجهه إلى حفر سوداء تنزف من التعفن الذي أصابها، لم يتوقف الأمر على وجهه بل صار يطفؤها فوق رموشه يريد أن يفقأ عينيه، الإدارة لم تدخل من أجل علاجه، بل صارت كلما يفعل ذلك يأخذونه إلى الحمام ويضربونه من دون شفقة، وأحيانا يحشون جراحه النازفة بالملح، لكنه ظل لا يأبه بذلك أبدا...". ولما سألته عمن يقوم بتعذيبه أجاب: "المساعد مرزوق-ع الذي كان رئيسا لدائرة الحيازة أو ما يعرف أيضا بالإحتباس، وإبن عمه العون مرزوق- ش وآخرين ممن لا يحملون في قلوبهم شفقة ولا رحمة". أردنا أن نعرف مصيره فقال: "بقي على هذا الحال سنة تقريبا مما إضطر الإدارة بتدخل من عائلته التي لم تراه كل تلك المدة فهو يرفض الخروج للزيارة، فأضطروا أن يتابعوه ولكن بحقن التنويم حتى صار يقضي أياما وهو يغط في نوم عميق، ولما يستيقظ يفعل بنفسه كما إعتاد... جاء موعد محاكمته فأخذوه إلى المحكمة وهو رث الثياب فقد رفض أن يلبس أي شيء، وعندما دخل على الجلسة راح يصرخ ويهجم على القضاة والمستشارين والمحامين، مما إضطر القاضي لرفع الجلسة، وأمر تحويله إلى مستشفى العثمانية (قسنطينة) لمعالجته والكشف عن طبيعة مرضه، عاد إلى السجن وواصل حرق وجهه وجسده وحتى أجهزته التناسلية لم تسلم، بعد حوالي شهرين تم نقله إلى المستشفى ثم عادوا به من دون أن نعرف ما فعلوا له، لكن في الدورة الجنائية الأخرى برمج للمرة الثانية مما أكد لنا ان المستشفى أمر بمحاكمته لسلامته العقلية وهذا أمر حيرنا فالرجل الذي يطفأ سيجارات بمعدل المئات في اليوم في أماكن حساسة للغاية من جسده ومن دون أن يتألم أو يتوجع مستحيل أنه في حالته الطبيعية، أتحدى الطبيب إن أخذوه بالفعل للمستشفى". قاطعته متسائلانأن: " ماذا تقصد بكلامك هذا؟". فأجاب: "إدارة السجن هي من تتحمل مسؤولية حالته، ولا أظن أن النائب العام يترك الأمور تمر عادية مما يورطهم جميعا، أنا متأكد أن جهة معينة تدخلت وحولت الأمور لغير صالحه، كأن طلبوا من الطبيب المعالج أن يحرر وصفة تثبت سلامته أو أنه لم يحول أصلا إلى العثمانية والقاضي قد تراجع في أمره". وعن محاكمته الجديدة قال: "مرت كسابقتها ولكن القاضي لم يكترث لصراخه وسبه لهم فحكم عليه بسبع سنوات نافذة، مما يوحي أن القضية شابها الشك والتلاعب بعدها تم نقله مباشرة إلى سجن عنابة، ومن ذلك الحين لم أسمع عنه شيئا، ولحد الساعة لم أنساه وأتمنى أن أعرف مصيره...". الضابط والسياط... !! يروي لنا الضابط الجزائري نوار عبدالمالك قصة تعذيبه مرتين، الأولى لما حاول الفرار إلى الخارج بوثائق هوية مزورة، والثانية لما أتهم من طرف الوزير ورئيس حركة حمس بوقرة سلطاني بالتآمر عليه، وقد تناولت وسائل الإعلام الجزائرية قصته... فقال: "في سنة 1997 قدمت تقريرا للقيادة العسكرية عن الوزير بوقرة سلطاني وعلاقته بالأفغان الجزائريين، إلا أن نسخة منه تسربت إلى سلطاني فتوعدني بأن أدفع الثمن غاليا، بعد ذلك بفترة جاء أمر بوضعي في إجازة من دون سبب يذكر، فعرفت أن الحكاية ستتطور حتما وخاصة أنني كنت في صراع مع قيادتي العسكرية حول شؤون تنظيمية ومهنية وأخرى تتعلق بمكافحة الإرهاب، التي أقحم فيها الجيش ليحمي أصحاب النفوذ والمصالح، بقيت على ذلك الحال والإجازة مفتوحة فإتصلت بقيادات أعرفها غير أن الأمر إستقر في مطاف يهددني، لذلك قررت الفرار إلى الخارج وخاصة لما نشر كتاب الحرب القذرة للضابط سوايدية في فرنسا وتم إعتقالي من طرف المخابرات لعلاقتي الوثيقة بسوايدية وبالكتاب سواء في السجن العسكري بالبليدة أو فيما بعد... إنتحلت هوية أخرى وإستخرجت جواز سفر غير أن الحظ لم يحالفني وألقي علي القبض في الحدود الجزائرية التونسية، سلمتني مصالح الأمن إلى المخابرات حيث تم تعذيبي حتى صرت معوقا...". وعن طريقة التعذيب يقول: "في البداية إستعملوا معي طريقة الشيفون، حيث يغطون فمي وأنفي ويمنعونني من التنفس، وخرطوم يضخ المياه بقوة إلى داخلي حتى صار يخرج من دبري، وبعدها ربطوني من رجلي في قضيب مثبت في سقف الزنزانة وأبقى لساعات طوال على هذه الحال، الكهرباء أيضا في جهازي التناسلي، الصفع والبصق في وجهي وفي فمي أيضا بل يأمرونني أن أبلع ذلك... مرات أخرى يأخذون خرقة ويلطخونها بالبراز في المراحيض ويدسونها في فمي مبللة مما يضطرني لشرب ذلك الماء القذر، يتركونني عاريا في زنزانة مليئة بالماء فلا أجد مكانا أنام فيه... أيضا أخذوا مفك البراغي حاد وثقبوا به رجلي وبعدها يستعملون الزجاج في الجرح حتى يظل ينزف، مرة وضعوني في زنزانة صغيرة جدا تشبه الصندوق وبقيت ليلة كاملة وأنا واقف لا أستطيع الجلوس أو النوم... وسائل لا يمكن تخيلها". وعن الأشخاص الذين تداولوا على تعذيبه قال: "لم أراهم فأنا مغمض العينين ولا أسمع إلا أصواتهم، كانوا عنيفين للغاية، لا يعرفون الشفقة ولا الرحمة، همهم أن يصلوا إلى أشياء تجلب لهم رضا قيادتهم ولو كان ذلك على حساب إنسانية الآخرين، حتى ظننتهم مرتزقة تم إستيرادهم من وراء الحدود وليسوا أبناء عائلات شريفة وكريمة...". أما حول تعذيبه في المرة الثانية، فقد جاءت على غرار حادثة القبض على المخدرات بسيارة وزير الدولة وزعيم حركة حمس الجزائرية بوقرة سلطاني، وكان بها شقيقه وأمين سره وكذلك نجله، وقيل أيضا أنه فيها البرلماني عبدالرزاق مقري الذي هو أيضا نائب لزعيم هذه الحركة، فأتهم الضابط برفقة السيناتور الحمسي هباز فريد والبرلماني أحمد الدان والبرلماني عبدالغفور سعدي وكلهم من الإسلاميين وتم توريط الصحفي أنيس رحماني أيضا(مدير تحرير صحيفة الشروق اليومي)، داهمت مصالح الدرك لمنطقة بني مسوس وبقيادة المساعد الأول ملوك - ف الذي كان صديقا لعائلة الوزير عندما عمل نائبا لرئيس فرقة الدرك الوطني بالشريعة (ولاية تبسة)، من حيث يتحدر الوزير والضابط أيضا، بعد التفتيش لم يعثرو إلا على كتابات روائية وأدبية وفكرية ألفها الضابط الذي هو بدوره كاتب وسمي من قبل بشاعر الجيش الجزائري، أقتيد إلى مقر الدرك ومن ثمة تم تعذيبه، لتلفق لهم تهما ثقيلة برأه منها القضاء بعد سنة كاملة في السجن، فيروي لنا مأساته قائلا: "لما أدخلوني إلى المقر عاملني المساعد الأول ملوك فضيل معاملة وحشية من كلام فاحش وبذيء، وإستمر الأمر حتى بلغ درجة التعذيب، البداية كانت بالكلام ثم وصلت للفعل، حيث وضعوني عاريا في غرفة شديدة البرودة حتى أصير أرتعش ولما أطلب منهم توقيف المكيف، يحولونني إلى غرفة أخرى شديدة الحرارة، واجد نفسي وأنا مربوط على كرسي أتصفد عرقا، وكذلك منعي من النوم حيث يتداولون علي للتحقيق حتى الصباح، وعندما أتعب يحولونني إلى الزنزانة التي لا يوجد بها سوى الجدران وبلاطها بحيرة ماء، ربطي في كرسي وصب الماء البارد على رأسي في الليل لما أنعس، كذلك ربطوني في سلم وأقضي الساعات الطوال واقفا، إستعملوا الضغط على رجلي وهي معوقة، التهديد بتوريط أفراد من أسرتي وحتى صديقات لي كما فعل بالصحفية بالقناة الجزائرية الثالثة مريم صخري...". ولما سألته: "لأي سبب عذبوك؟ وكيف تتهم الوزير سلطاني بوقرة مباشرة؟" أجاب: "لو لم يكن الوزير لحوكم شقيقه ونجله وجرجروه هو للمحكمة من أجل سيارته، هذا إن كانت حكاية المخدرات حقيقة وليست مزاعما أريد منها رأسي فقط، أما إتهامي له مباشرة فقد سمعت الضابط بنفسي وهو يحدث شخصا عبر الهاتف، ويطلب منه أن يبلغ معالي الوزير بأن كل شيء على ما يرام وسوف أتحمل القضية بأي طريقة كانت، فضلا عن التهديدات التي تلقيتها من قبل...". وقد تم إعتقال رضا-ع، في القضية نفسها وتعرض بدوره لأبشع أنواع التعذيب، حيث لما بلغه ما حدث لقريبه من طرف جيرانه، سأل عنه وعرف طريقه، ولكن لما وصل المقر الذي يتواجد به الضابط معتقلا، تم القبض عليه هو أيضا من طرف المساعد الأول ملوك- ف... ويسرد لنا قصته من خلال رسالة تحصلنا عليها تحمل توقيعه، وبعد الحديث عن البداية التي أوصلته إلى مخفر الدرك، ثم يعرض ما طلب منه من طرف الأعوان ورئيسهم المساعد الأول، وتمثل الأمر في شهادة ضد الضابط قريبه، غير أنه رفض ذلك مما دفع المساعد الأول إلى صفعه والأمر بتحويله إلى الزنزانة لأجل تعذيبه... يقول: " ربطوني بسلم ممدد على الأرض بعد تعريتي من كل لباسي، وراح أحدهم يدخل قضيبا في دبري حتى أحسست بالغثيان من شدة الألم... وبعدها إستعملوا معي طريقة تسمى بالشيفون...". وقد تحدثنا عنها من قبل، ليسترسل: "وضعوا السلم على بطني وراح المساعد الأول يضغط عليه حتى أحس أن أحشائي بلغت فمي". وأخرى: "أحضر المساعد الأول خيطا وربط به ذكري وراح يضغط بشدة وأنا أصرخ أرتجي الرحمة...". وأيضا: "أخذوني إلى مغسل وأدخلوا رأسي فيه وهو مليء بالماء حتى أختنق وفعلوا ذلك أكثر من ساعة...". هذه أهم النقاط التي تتعلق بموضوعنا وردت في شهادته التي تحصلنا على نسخة منها، وتوجد أخرى على مستوى الجمعية الكاثوليكية لمناهضة التعذيب بباريس وأرسل نسخة منها أيضا إلى منظمة العفو الدولية... الرسالة تحمل عنوان "شهادة على التعذيب"، موقعة من طرف صاحبها بتاريخ: 30-01-2007...
تحياتى لكم اميرة همسات | |
|
احمد المصرى عضو ماسى
عدد الرسائل : 316 السٌّمعَة : 1 نقاط : 3 تاريخ التسجيل : 30/08/2007
| موضوع: رد: التعذيب في الجزائر : جلادون وزنازين سرية لا تراها الشمس الإثنين فبراير 09, 2009 4:43 am | |
| | |
|
زهرة الوادى مشرفة ( الجمال والاناقة )
عدد الرسائل : 1311 العمر : 34 الموقع : همسات:::::::::::::: عرب العمل/الترفيه : القراءة المزاج : الحمد لله السٌّمعَة : 9 نقاط : 181 تاريخ التسجيل : 05/06/2008
| موضوع: رد: التعذيب في الجزائر : جلادون وزنازين سرية لا تراها الشمس الجمعة فبراير 13, 2009 4:12 am | |
| | |
|