ذهب عام ... وجاء آخر (هجري وميلادي)، وانتهت سنة أخرى من أعمارنا وأقبلنا على أخرى، وانشغلنا بالتهاني والتبريكات بين الأصدقاء والأقارب والأحباب وتمنى أحدنا للآخر سنة جديدة يملؤها الخير والسرور والأمان والإيمان.
كثير من الأصدقاء ... دعى لي بتحقيق الأمنيات فصرت أتفكر وأتسائل: وما هي أمنياتي في السنة الجديدة؟!؛ هل أنا أعرفها حقا وأضع لها الخطط المرحلية المناسبة لتحقيقها، أم أني لم أرتب حياتي بهذا الشكل وأنما أعيش أوقاتي بلا ترتيب وتنظيم؟
وكم سنة من حياتي انقظت وذهبت سدى بدون فائدة لدنياي وآخرتي واتسمت بالغفلة والتيه والجهل والانقطاع؟، وكم سنة من حياتي استثمرتها بكفاءة وباستغلال الوقت لتحصيل العلم النافع والعبادة الصادقة الخالصة والخير والنور والسرور؟.
استمرت ... عبارة تحقيق الأمنيات تلح على فكري وتدور في خاطري، وصرت أفكر في أمنيات كثيرة أرغب في تحقيقها في العام الجديد:
فأنا أرغب في زيادة في ترتيب أموري الدنيوية المعاشية لتحصيل الاستقرار المطلوب لي ولعائلتي .
وأسعى للمضي في الدراسة والمذاكرة العلمية والتقدم في تحصيل العلوم وتطوير الذات في هذا المجال .[/size]
[size=21]وأريد الارتفاع بمستوى عبادتي وإيماني من خلال تشخيص ومعالجة أمراضي النفسية المستعصية وتأدية العبادات والطاعات المختلفة وبدرجة عالية من الحضور والخشوع والارتباط بالخالق المعبود جل جلاله.
وأجتهد للاستمرار بفاعلية مؤثرة في كتابة خواطر إيمانية متنوعة أرجو من خلالها التواصل ولو بجهد بسيط متواضع مع الأحباب في جهدهم العظيم لإحياء علوم الدين والإيمان.
وأتمنى لإحبابي هؤلاء الثبات على الإسلام والإيمان والتوفيق والنجاح في العمل من أجل تثبيت الإيمان.
وأتمنى لشعبي وبلدي الأمن والأمان والتوبة النصوحة واليقظة الذكية والإيمان ولكل بلاد المسلمين.
وأتمنى.. وأتمنى.. وأتمنى.. ثم انتبهت!!..
ما هذا؟!، إنها أمنيات كثيرة ومتشعبة وفيها أمور صعبة التحقيق!. حاولت التفكير بعمق وصفاء ورحت أبحث عن أمنية وفعل واحد مركز يكفل تحقيق كل الأمنيات الشخصية، وأعرضها كذلك على الأصدقاء والأحباب وكل الناس لتعينهم على التقدم والنجاح وتحقيق الأماني النافعة الطيبة المؤمنة.
تعسر ذلك... علي في البدء ثم رحت أرتب الأفكار وكالتالي:
جامع كل الأماني الخيّرة والنافعة والمؤمنة هو تحقيق تقدم ما في الحياة والعمل والعلم والعبادة والإيمان، وسبيل ذلك كله هو تشخيص واقع الحال والسعي للوصول إلى درجة متقدمة في تلك المجالات من خلال خطوات عملية منهجية مدروسة (وربما بغير ذلك بفعل كن فيكون). وهذا السبيل يحتاج إلى سعي منهجي وهمة عالية مجتهدة.
وأصل كل ذلك... هو عدم الرضا على النفس والسعي لإصلاحها، نعم.. هذا هو الأصل والجوهر.
لقد تذكرت الآن... حكمة عظيمة ربانية من حكم الصديقين والربانيين. تقول هذه الحكمة:
"أصل كل معصية وغفلة وشهوة الرضا عن النفس، وأصل كل طاعة ويقظة وعفة عدم الرضا منك عنها، ولأن تصحب جاهلا لا يرضى عن نفسه خير لك من أن تصحب عالما يرضى عن نفسه، فأي علم لعالم يرضى عن نفسه؟ وأي جهل لجاهل لا يرضى عن نفسه؟". (من حكم العارف بالله ابن عطاء الله السكندري)
الآن ...تعلّم هذه الحكمة جيدا وكن يقظا وذكيا ومنتبها.. إياك إياك أن ترضى عن نفسك وحالك فتقع في الغرور المهلك والنفخة المعنوية والمادية البليدة المدمرة .
إعرف حالك جيدا وقم بتقييم نفسك وحياتك وأعمالك بدقة متناهية، ثم اسعى إلى استثمار أوقات السنة الجديدة للتقدم والتطور والنجاح.
أما بشأن أصدقائك... الأحباب والمسلمين كافة فقم بتدوين تلك الأفكار وانشرها، علها تكون بذرة إيمانية صغيرة جدا ـ لكنها نابضة بالحياة ـ للتذكير بهذا الأصل العظيم وتلك الحكمة الإيمانية العالية لتكون أساس التقدم والتطور والنجاح في السنة الجديدة .
وكل عام وانتم بخير ويقظة وانتباه وعدم رضى عن النفس ونور وسرور وإيمان.